فصل: الشاهد الثاني والسبعون بعد الأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء السلطان محمود على سنجار.

ولما ملك قطب الدين مودود الموصل وكان أخوه نور الدين محمود بالشام وكان أكبر منه وله حلب وحماة كاتبه جماعة من الأمراء بعد أخيه غازي وفيمن كاتبه نائب سنجار المقدم عبد الملك فبادر إليه في سبعين فارشا من أمرائه وسبق أصحابه في يوم مطير إلى مساكن ودخل البلد ولم يعرفوا منه إلا أنه أمير من جند التركمان ثم دخل على الشحنة بيته فقبل يده وأطاعه ولحق به أصحابه وساروا جميعا إلى سنجار وأغذ السير فقطع عنه أصحابه وتوصل إلى سنجار في فارسين ونزل بظاهر البلد وبعث إلى المقدم فوصله وكان قد سار إلى الموصل وترك ابنه شمس الدين محمد بالقلعة فبعث في أثر أبيه وعاد من طريقه وسلم سنجار إلى نور الدين محمود فملكها واستدعى فخر الدين قرى أرسلان صاحب كيفا لمودة بينهما فوصل في عساكره وبلغ الخبر إلى قطب الدين صاحب الموصل ووزيره جمال الدين وأمير جيشه زين الدين فساروا إلى سنجار للقاء نور الدين محمود وانتهبوا إلى تل اعفر ثم خاموا عن لقائه وأشار الوزير جمال الدين بمصالحته وسار إليه بنفسه فعقد معه الصلح وأعاد سنجار على أخيه قطب الدين وسلم له أخوه مدينة حمص والرحبة والشام فانفرد بملك الشام وانفرد أخوه قطب الدين بالجزيرة واتفقا وعاد نور الدين إلى حلب وحمل ما كان لابيهم الاتابك زنكي من الذخيرة واتفقا وعاد نور الدين إلى حلب وحمل ما كان لابيهم الاتابك زنكي من الذخيرة لسنجار وكانت لا يعبر عنها والله تعالى أعلم.

.غزو نور الدين إلى انطاكية وقتل صاحبها وفتح أفاميا.

ثم غزا نور الدين سنة أربع وأربعين إلى انطاكية فعاث فيها وخرب كثيرا من حصونها وبينما هو يحاصر بعض الحصون اجتمع الإفرنج وزحفوا إليه فلقيهم وحاربهم وأبلى في ذلك الموقف فهزم الإفرنج وقتل البرنس صاحب انطاكية وكان من عتاة الإفرنج وملك بعده ابنه سمند طفلا وتزوجت أمه برنس آخر يكفل ولدها ويدبر ملكها فغراه نور الدين ولقوه فهزمهم وأسر ذلك البرنس الثاني وتمكن الطفل سمند من ملكه بانطاكية ثم سار نور الدين سنة خمس وأربعين إلى حصن أفاميا بين شيرز وحماة وهو من أحسن القلاع فحاصروه وملكه وشحنه حامية وسلاح واقواتا ولم يفرغ من أمره إلا والإفرنج الذي بالشام جمعوا وزحفوا إليه وبلغهم الخبر فخاموا عن اللقاء وصالحوه في المهادنة فعقد لهم انتهى.

.هزيمة نور الدين جوسكين وأسر جوسكين.

ثم جمع نور الدين بعد ذلك وسار غازيا إلى بلاد زعيم الإفرنج وهي تل باشر وعنتاب وعذار وغيرها من حصون شمالي حلب فجمع جوسكين لمدافعته عنها ولقيه فاقتتلوا ومحص الله المسلمين واستشهد كثير منهم وأسر آخرون وفيهم صاحب نور الدين فبعثه جوسكين إلى الملك مسعود بن قليج أرسلان يعيره به لمكان صهره نور الدين على ابنته فعظم ذلك عليه وأعمل الحيلة في جوسكين وبذل المال لأحياء التركمان البادين بضواحيه أن يحتالوا في القبض عليه ففعلوا وظفر به بعضهم فشاركهم في إطلاقه على مال وبعث من يأتي به وشعر بذلك وإلى حلب أبو بكر بن الرامة فبعث عسكرا ليسوا من ذلك الحي جاؤا بجوسكين أسيرا إلى حلب وثار نور الدين إلى القلاع فملكها وهي تل باشر وعنتاب وعذار وتل خالد وقورص وداوندار ومرج الرصاص وحصن النادة وكفرشود وكفرلات ودلوكا ومرعش ونهر الجود وشحنها بالأقوات وزحف إليه الإفرنج ليدافعوه فلقيهم على حصن جلدك وانهزم الإفرنج وأثخن المسلمون فيهم بالقتل والاسر ورجع نور الدين إلى دلوكا ففتحها وتأخر فتح تل باشر منها إلى أن ملك نور الدين دمشق واستأمنوا إليه وبعث إليهم حسان المنبجي فتسلمها منهم وحصنها وذلك في سنة تسع وأربعين وخمسمائة والله سبحانه وتعالى أعلم.

.استيلاء نور الدين على دمشق.

كان الإفرنج سنة ثمان وأربعين قد ملكوا عسقلان من يد العلوية خلفاء مصر واعترضت دمشق بين نور الدين وبينهما فلم يجد سبيلا إلى المدافعة عنها واستطال الإفرنج على دمشق بعد ملكهم عسقلان ووضعوا عليها الجزية واشترطوا عليهم تخيير الأسرى الذين بأيديهم في الرجوع إلى وطنهم وكان بها يومئذ مجير الدين أنز بن محمد بن بوري بن طغركين الأتابك واهن القوى مستضعف القوة فخشي نور الدين عليها من الإفرنج وربما ضايق مجير الدين بعض الملوك من جيرانه فيفرغ إلى الإفرنج فيغلبون عليه وأمعن النظر في ذلك وبدأ أمره بمواصلة مجير الدين وملاطفته حتى استحكمت المودة بينهما حتى صار يداخله في أهله دولته ويرميهم عنده أنهم كاتبوه فيوقع الآخر بهم حتى هدم أركان دولته ولم يبق من أمرائه إلا الخادم عطاء بن حفاظ وكان هو القائم بدولته فغصى به نور الدين وحال بينه وبين دمشق فأغرى به صاحبه مجير الدين حتى نكبه وقتله وخلت دمشق من الحامية فسار حينئذ نور الدين مجاهرا بعداوة مجير الدولة ومتجنبا عليه واستنجد بالإفرنج على أن يعطيهم الأموال ويسلم لهم بعلبك فجمعوا واحتشدوا وفي خلال ذلك عمد نور الدين إلى دمشق سنة سبع وأربعين وكاتب جماعة من أحداثها ووعدهم من أنفسهم فلما وصل ثاروا بمجير الدين ولجأ إلى القلعة وملك نور الدين المدينة وحاصره بالقلعة وبذل له إقطاعا منها مدينة حمص فسار إليها مجير الدين وملك نور الدين القلعة ثم عوضه عن حمص ببالس فلم يرضها ولحق ببغداد وابتنى بها دارا وأقام إلى أن توفى والله سبحانه وتعالى أعلم.